على الطريق
بقلم: منار يونس
لكلمة الطريق عند المواطن الفلسطيني وقع خاص، فلطالما ارتبطت بأحلامه في العيش بسلام واستقرار وحرية على المدى البعيد مستنداً إلى أقوال السياسين والمناضلين في تصريحاتهم وعباراتهم التي ما لبثوا يصرحون بها” الطريق إلى السلام” و”الطريق للحرية”، أما على المدى القصير فكانت أقصى أمانيه تتجسد في الحصول على طريق معبدة صالحة للاستخدام الآدمي، ومفتوحة أمام الحركة ذهاباً وإياباً في تنقلاته الداخلية والخارجية دون وجود عوائق وحواجز عسكرية ونقاط تفتيش وتحويلات وإغلاقات لدواعٍ أمنية.
يحتاج التنقل بين المدن الفلسطينية إلى مهارات رياضية وحسابية، وقدرة عالية على الاستجابة للمتغيرات الطارئة، ففي حين يقوم المواطن الإنسان في بقية دول العالم باحتساب زمن الوصول باستخدام معادلة المسافة وإضافة الفرق( زائد، ناقص) الناجم عن وجود أعمال في الطريق يتم إعلامه بها مسبقاً، أو نتيجة تزامن خروجه مع ما يعرف بوقت الذروة، يقوم المواطن الفلسطيني باستخدام المعادلة السابقة مضافاً إليها في أغلب الحالات وجود حواجز عسكرية ثابتة أو متحركة، أو ضرورات أمنية لعصبة من المستوطنين ستمر من هنا أو هناك. وإليك بعض الإرشادات التي يمكنك اتباعها في أثناء تنقلك بين المدن الفلسطينية:
أولاً: معرفة مواعيد البرامج التي تعنى بأحوال الطرق الخارجية والتي تبث عبر أثير محطات الإذاعة المحلية، لمعرفة سير الحركة مع الأخذ بعين الاعتبار توقع حدوث مستجدات لم يتم التبليغ عنها.
ثانياً: إذا كنت تستخدم سيارتك الخاصة في التنقل، فعليك التدرب على استخدام الطرق البديلة، وهذه يمكن أن تتم إما باتباع سيارات الأجرة العاملة على الطريق، أو سؤال السكان المحليين، وما يميز فلسطين بأنها بلد صغير وسكانها أناس طيبون ولا يتوانون عن تقديم المساعدة” لغريب البلاد”. أما إذا كنت من مستخدمي وسائل النقل العامة فلا داعي أبداً للقلق حيث أن السائق لديه نظام “جي بي اس” خاص به.
ثالثاً: تقوية حاسة الانتباه في أثناء السير، فالفلسطينيون بطبيعتهم أناس يحبون مشاركة المعلومة ، فإذا ما تلقيت إشارة من الضوء الأمامي للمركبة التي تسير في الاتجاه المقابل فاعلم بأن هناك شرطة على الطريق، وعليك بتوخي الدقة والحذر والتأكد من التزامك بالتعليمات، أما إذا كان هناك إشارات باليد لليمين أو اليسار فاعلم بأن الطريق أمامك مغلق وعليك باستخدام الطرق البديلة، التي سبق وتحدثنا عنها.
رابعاً: في حال استخدامك للمركبات العامة، فعليك قدر الإمكان عدم انتقاء المركية التي تقل عدداً كبيراً من الشبان(الذكور)، إذ يفضل انتقاء واحدة تقل عددا من السيدات أو الفتيات، أو كبار السن حتى لا تتعرض للإيقاف بحجة التفتيش والتأكد من خلو المركبة من الإرهابيين والمطلوبين والعابثين بالأمن الإسرائيلي. واعلم جيداً أن انتقاءك للنوع الأول من المركبات سيترتب عليه تأخير إضافي لحين انتهاء عملية الفحص وعليه أقول” اللهم هل بلغت اللهم فاشهد”.
أما إذا كنت من محبي التأمل فحذار أن تخطف تأملاتك وتسرح ببصرك باتجاه النقاط الاستيطانية المنتشرة على رؤوس الجبال التي يفترض أنها جبال فلسطينية تم انتزاعها بالقوة، فلربما تفسر هذه التأملات بمحاولات رصد للموقع لتنفيذ مخطط إرهابي، وعليه فالحذر واجب، فلا داعي لمثل هذه التأملات ويفضل النظر إلى الأمام منعاً للبس.
أما إذا كنت تمر بالقرب من حاجز عسكري فلا بأس من النظر للجنود حتى تتأكد بأنه ليس مطلوب منك الوقوف لفحص بطاقات الهوية، مع مراعاة السير بسرعة بطيئة حتى لا تفسر بمحاولة للهروب. أما إذا كان هناك مجموعة من المستوطنين تقف على جنبات الطريق التي كانت فلسطينية فحذار ثم حذار أن تنظر إليهم، لأن في ذلك تهديد لأمنهم فهذه النظرات تعني محاولات رصد لتنفيذ عمليات ضد أبرياء مدججين بالأسلحة ومحاطون بالجنود والثكنات العسكرية، ينشدون العيش بسلام على الأرض التي اغتصبوها بقوة السلاح والعتاد، وقاموا بتهجير سكانها، وهدم بيوتهم، وإلحاق الضرر بمزروعاتهم، واقتلاع زيتونهم المغروس في الأرض منذ الاف السنين.
وعلى أية حال، وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره لا يزال الفلسطيني يتنقل من مدينة لأخرى محملاً بدعوات الأمهات والاباء والزوجات والأزواج والأبناء بأن تكون ” الطريق سالكة” وما” فيها حواجز” “ويبعد عنك ولاد الحرام” …….. وتورحوا وترجعوا بالسلامة.
Manar is a Palestinian citizen. She has a Master’s Degree in Political Planning and Development. She loves her country and wishes for the world to see Palestine in a different way by sharing with us her daily life